أخبار ليبيا 24 – بقلم/خالد علي الدرسي
لو لم يكن هذا التاريخ لما اكتمل مشروع قيام الدولة الليبية. الأول من شهر يونيو لعام ألف وتسعمائة وثمانية و أربعين, يأتي الحدث الأهم في التاريخ السياسي الليبي. حيث أعلن في هذا التاريخ استقلال الدولة العربية الثامنة “برقة” أمارةً تحت راية أميرها ” إدريس المهدي السنوسي”.. فقد توجت الزعامة الروحية للسنوسيين بزعامة سياسية.
رغم محاولة بعض الجهويين في طي صفحة الولاية المؤسسة للدولة الليبية.إلا ان عظمة الحدث يفرض عليهم بقوة وثائقه السياسية و التاريخية الإقرار به… فقد قادت الحركة السنوسية الجهاد المسلح و السياسي في برقة منذ الاحتلال الايطالي للأراضي الليبية, فكانت قيادة منظمة فانطوى تحتها كل أبناء برقة دون استثناء، على عكس ما حدث في أقليم طرابلس حيث مزقتها الزعامات القبلية وحدت من استمرار النضال رغم بسالة أهلها المقاوم للاحتلال.
ظل النضال المسلح مستمرا وقويا في برقة لأكثر من عشرين سنة ولكنه تقهقر كثيرا بعد إعدام شيخ الشهداء “عمر المختار” .
إعدام عمر المختار لم ينهي حركة المقاومة في برقة, بل اتخذت الزعامة السنوسية بعدها نضالا سياسيا أكثر مقاومة من القتال, حيث بدأ التفكير الجدي في إخراج الاستعمار الفاشي من الأراضي الليبية. فاتخذت هذه الزعامة من مصر مقرا لها حيث سعى أمير برقة ادريس السنوسي الى تأسيس الجيش الذي يعرف بالجيش السنوسي, فقد ضم هذا الجيش ابناء ليبيا في المهجر حتى أطلق فيما بعد عليه بالجيش العربي الليبي وكان الإعلان عن تأسيسه في القاهرة في اليوم التاسع من شهر أغسطس 1940 .
استفادت الحكمة السنوسية من مجريات الحرب العالمية الثانية وعقدوا تحالفا مع بريطانيا زعيمة التحالف في تلك الفترة لتحرير ليبيا من الاستعمار الايطالي احد دول المحور , على أن تظل ليبيا تحت الوصايا البريطانية على أن تساعد بريطانيا ليبيا في الحصول على استقلالها فيما بعد.
مع بداية عام 1943 دخل الجيش العربي الليبي مع القوات البريطانية وتم تحرير ليبيا بالكامل من الاستعمار الايطالي .
دخل بعدها ادريس السنوسي الذي كان يطلق عليه حتى هذه اللحظة التاريخية بلقب أمير برقة, في خلافات دولية و محلية التي لم تتطور الى حد الصراع . فحكمة هذا الأمير كانت في مستوى هذه الأحداث , حيث قادته الظروف إلى فرض أمر الواقع و انهاء الخلافات و بعد مباركة زعماء طرابلس و فزان, أعلن أمير برقة أدريس المهدي السنوسي أستقلال الإمارة العربية البرقاوية الدولة العربية الثامنة العضو في الجامعة العربية و المعترف بها دوليا و إقليميا و ايضا بكيانها السياسي المتكامل من دستور و شعب وأرض وعلم ونشيد وطني . فما كان أمام هذه الدولة الحديثة إلا أن تبحث عن تشكيل حكومة برقاوية فجاءت حكومة السيد فتحي عمر الكيخيا, و مارست كافة مهامها المحلية و الدولية لمدة تزيد عن سنة و نصف.
أثناء تلك المرحلة أي بعد استقلال أمارة برقة, بدأ حراك من جمعية عمر المختار مقرها درنة, في مطالبة زعماء طرابلس و فزان لحث امير برقة لاعلان الدولة الليبية تحت زعامته.فشكلت لجنة الاستقلال من كل الأقاليم وتوجهت إلى الأمم المتحدة لعرض مشروع الدولة الليبية بعد استقلال برقة.
توج هذا النضال الوطني باعتراف الأمم المتحدة باستقلال ليبيا .. فأعلن أمير برقة يوم الرابع و العشرين من عام الف وتسعمائة وواحد وخمسين , من شرفة قصر المنار في مدينة بنغازي عاصمة الامارة, أستقلال ليبيا بكامل أقاليمها ,على أن يكون أمير برقة هو ملك المملكة الليبية, و احتفظ أدريس السنوسي بلقب أمير برقة ملك المملكة الليبية المتحدة حتى انهي النظام الفدرالي فصار لقب أدريس السنوسي (ملك ليبيا) بدون ذكر أمير برقة .
فمنذ أستقلال ليبيا كان دستورها هو دستور برقة مع تعديل في شكل الحكم وأحكامه. وكان العلم الوطني للدولة الليبية هو علم برقة اضيف عليه 25% من الاعلى اللون الاحمر رمزا للجهاد و 25% من اللون الأخضر في الأسفل رمزا للاستقلال, واحتفظت ولاية برقة بنسبة 50% من اللون الاسود في علم الدولة الليبية يتوسطه نجمة و هلال .
فهذا الحدث ليس فيه أي دعوة للجهويين لممارسة طقوسهم . فطي هذه الصفحة هو عمل غير وطني لتاريخ ليبيا. فبرقة قادها الحدث أن تكون هي المؤسسة بفضل القيادة فيها ليس إلا, ولو غلب على زعماء طرابلس و فزان مصالحهم الشخصية او الجهوية لما استقلت ليبيا . فيوم استقلال برقة هو يوم وطني بأمتياز لكل ليبي يحب ليبيا و يحترم كفاح الاجداد و الاباء المؤسسين للدولة الليبية , في الذكرى 73 لاستقلال برقة
طاب لي ان اقول لكل الليبيين و الشعب العربي…. ” كل عام و انتم بألف خير وأمن وسلام” .